البرلمان الأوروبي يتبنى سياسة خلط الأوراق.. حينما تُوضع قضية الصحراء المغربية جنبا إلى جنب مع ملف اغتصاب صحافي لزميلته !!

تابعنا جميعا، ومنذ أيام، الحملة الإعلامية التي سبقت التصويت على مشروع قرار داخل قبة البرلمان الأوروبي اليوم الخميس، قِيلَ أنه يخص حصرا وضعية الصحفيين في المغرب، مع التركيز عمدا على قضية الصحافي عمر الراضي، المدان بست سنوات سجنا نافذا على خلفية اغتصابه لزميلته حفصة بوطاهر. كان استغرابنا وقتها كبيرا وتساؤلاتنا أكبر بشأن فتح هيئة أوروبية تحترم نفسها ملف حُسِمَ قضائيا ومحاولة الركوب عليه للضرب في استقلالية القضاء المغربي، متناسية أن ملف الراضي إنما يندرج أساسا ضمن قضايا الحق العام ولا يمت بصلة لعمله الصحفي أو حتى لآرائه التي ظل يعبر عنها كصحافي استقصائي لسنوات وبأريحية تامة دون أن تتم مضايقته، على النحو الذي يكفله دستور المملكة وكذا مختلف المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.

لكن التصويت الذي أفرج عن نتائجه البرلمان الأوروبي تجاوز التداول حول قضية اغتصاب تقاضى على إثرها طرفان داخل المحاكم المغربية، وتعداها ليشمل قضية الوحدة الترابية للمملكة، ما يبرهن بالملموس أن البرلمان الأوروبي ينتهج سياسة لي الذراع في التعاطي مع المغرب، أحد أكبر وأهم شركائه الاقتصاديين. فكيف يمكن تفسير مطالبة الاتحاد الأوروبي من خلال هذا القرار دعم الانفصال بالصحراء المغربية؟ دعم الانفصال وإفلات المغتصبين من العقاب… أية علاقة؟؟ إن البرلمان الأوروبي بتحيزه الفاضح هذا يؤسس لرؤية جديدة أو مستجدة باتت دول العالم الأول تسعى لفرضها على مستعمراتها السابقة بدول العالم الثالث.

أو بشكل أوضح، البرلمان الأوروبي وبعض عناصره المعادية للمغرب ولمصالحه تعتبره، لا محالة، “زريبة” لن يستقيم لها حال أو تتمتع باستقلاليتها القضائية إلا بمباركة من الاتحاد الأوروبي، لكونه يخول لنفسه التدخل في شؤون دول بعينها على اعتبار أنه حق مكتسب وليس تعدي سافر على سيادة الدول. انزعاج أعداء المملكة من التقدم الحاصل على مستوى ملف الأقاليم الجنوبية، دفع الهيئة الأوروبية ذاتها مدعومة بالصحافة البلجيكية، إلى اتهام المغرب بتقديم رشاوى إلى بعض أعضاء البرلمان الأوروبي بهدف زيارة الصحراء المغربية. بينما تندرج الزيارة التي صنعت زوبعة داخل فنجان، في إطار التعاون والشراكة الإستراتيجية التي تجمع المغرب بدول الاتحاد الأوروبي وحل على إثرها بعض برلمانييه بمدينة العيون وغيرها.

ولعل ما يعزز فرضية تحامل الهيئة الأوروبية على المغرب، هو مطالبة هذه الأخيرة في قرارها المذكور الاتحاد الأوروبي بوضع معايير واضحة تجعل التعاون مع المغرب مشروطا بإحراز تقدم في مجال حقوق الإنسان، والدعوة إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع من وصفتهم ﺑ “المعتقلين السياسيين”، وهذا في حد ذاته ابتزاز واضح وصريح للمغرب، قوامه المساومة إما أن ترضخوا لمطالبنا وإن مست التدخل في شؤونكم، أو أن نوقف التعاون معكم، علما أن تبعات تجميد هذا التعاون لن يحصدها إلا الاتحاد الأوروبي نفسه لما يشهده من تبعية فلاحية للمغرب، وتعدد الاتفاقيات في هذا الإطار تؤكد ذلك.