المنتخب واستعجالية الخروج من نفق خاليلوزيتش

مباراة المنتخب المغربي أمام منتخب الولايات المتحدة الأمريكية، أغضبت الجمهور بسبب المستوى التقني الضعيف الذي ظهر به فريقنا، والذي أكد عجز المدرب وحيد خاليلوزيتش عن إبداع خطط تقنية ناجعة، وفشله في استثمار جيد لرصيد اللاعبين. ورغم أن المباراة إعدادية، والهزيمة فيها ليست نهاية العالم، إلا أن الاستحقاقات التي أمامنا، تبرر ما يشعر به الجمهور المغربي من قلق.

شخصيا، كتبت عن ضرورة تغيير مدرب المنتخب، لعجزه عن تقديم إضافة تقنية ملموسة. ثم بغرض دعم دينامية تواصلية إيجابية حول المنتخب، رحبت بالضغط على خاليلوزيتش ليغير سلوكه المتشنج تجاه الجمهور ويكف عن التصلب في آرائه، ويعيد اللاعبين الذين أقصاهم من الفريق الوطني، لتستمر التجربة بعد أن تحققت الأهداف التعاقدية التي تم الالتزام بها، رغم الملاحظات حول الأداء التقني للمنتخب والظروف المساعدة التي استفاد منها في الإقصائيات. وقد سرني أن رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم “جبد وذنين” الناخب الوطني، وألزمه بإعادة الجو الذي يمكن أن يتوحد فيه اللاعبون، وتعود الثقة للجمهور، ويتم التركيز على الاستعداد الجيد للمونديال.

لكن، يبدو أن مباراة المنتخب ضد الولايات المتحدة الأمريكية، أتت لتعيد فرض حقيقة أن وحيد خاليلوزيتش، مدرب أقل من عادي، تقنيا و تكتيكيا. وأنه “كوتش” لا يستطيع خلق شروط القوة الذهنية والنفسية لدى اللاعبين، ولا تطوير مهاراتهم التقنية أو طريقة لعبهم الفردي والجماعي. كما أنه لا يجيد قراءة أسلوب لعب الخصوم أو التفاعل مع نهجهم التكتيكي وإبداع خطط معاكسة على أرضية الميدان.

لذلك، حان الوقت لنتصرف على أساس أن المدرب الوطني لم يعد رجل المرحلة، وأن سلبيات استمراره أكبر من الإيجابيات الممكنة بدونه. ومغادرة “وحيد زمانه”، سيكون ثمنها هو القيمة المالية للشرط الجزائي المرتبط بمستحقاته. وهو، على كل حال، ثمن أقل من قيمة المكتسبات المضمونة إذا ما حقق المنتخب المغربي تأهله للدور الثاني أو الثالث، في مونديال قطر 2022.

للأسف، أسوأ ما في هذه الهزيمة أنها أخرجتنا من نشوة الفرح بتتويج الوداد الرياضي أمام فريق الأهلي بدوري أبطال إفريقيا، و فوز نهضة بركان بكأس الكونفدرالية الإفريقية. وهي نتائج استحق معها الفريقان تهنئة ملكية كريمة، أثنت على الناديين وجماهيرهما، ونوهت بانتصارات كرة القدم المغربية، كنتيجة للعمل القاعدي الذي تقوم به الجامعة الملكية لكرة القدم من أجل جعل الفرق المغربية في مراكز متقدمة على الصعيد الإفريقي.

وإذا كانت الرسائل الملكية السامية قد حملت التهاني والتنويه للفريقين الفائزين، فهي قد جددت تأكيد ما يعرفه المواطنون من حرص جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، على أن يتابع شخصيا ملف تدبير كرة القدم الوطنية، ومدى تحقيق الأهداف المسطرة لتطوير الرياضة الأكثر شعبية في بلادنا، حتى تكون رافعة تساهم في إدماج الشباب من بوابة الرياضة، بشكل يرقى إلى مستويات نجاعة استراتيجية، بالارتكاز على:

– الاستثمار في البنيات والتجهيزات الرياضية لتصبح في مواصفات عالمية؛

– تطوير حكامة منظومة التدبير، في اتجاه الشفافية والعصرنة واحترام الأخلاقيات؛

– الاستثمار في الرأسمال البشري، لاعبين ومؤطرين تقنيين وحكام، عبر التكوين التقني والتأهيل، وفق خطط عمل تستحضر البعد الوطني والجهوي.

لذلك، أعتقد أن على منتقدي استمرار وحيد خاليلوزيتش على رأس المنتخب الوطني، وأنا واحد منهم، أن يتفائلوا وأن يطمئنوا إلى أن شحنة الانفعال التي عبر عنها الجمهور المغربي، هي رسالة غيرة وطنية واعتزاز بالقميص الوطني، لا يمكن إلا أن تصل، ويصير سؤال جدوى استمرار الناخب الوطني في مهامه، قيد الدرس، بحكمة ومسؤولية، لإخراج المنتخب من “نفق خاليلوزيتش”، في أقرب وقت ممكن.

ولأن المغرب كبير على العابثين، إحساسي قوي بأن ما يلزم اتخاذه في ملف الناخب الوطني، سيتم اتخاذه، كي نحافظ على حظوظ المنتخب الوطني في مونديال قطر. والأيام القادمة، قد تحمل الجديد الذي ينتظره الجمهور الرياضي التواق إلى استمرار ديناميكية النتائج الإيجابية للكرة المغربية، التي يسعد بها المغاربة، قيادة و شعبا، من طنجة إلى الكويرة. وسالات الهضرة.