لماذا لم تفعل المحكمة الدستورية مسطرة التواجهية لفائدة عامل إقليم الحسيمة ؟
ما زال قرار المحكمة الدستورية الصادر يوم 19 ماي الجاري، والقاضي بإلغاء أربعة مقاعد بالدائرة المحلية الحسيمة (إقليم الحسيمة) يثير نقاشات كبيرة في أوساط السياسيين والأكاديميين.
وبعيدا عن قضية تداول القرار في وسائل الإعلام قبل نشره، والتي تقول بعض المعلومات أن تحقيقا قد فتح في هذا الموضوع لكونه يمس بمبدإ السرية ويخالف القواعد الجاري بها العمل في نشر قرارات المحكمة الدستورية وإبلاغها إلى الأطراف المعنية، فإن مقتضيات دستورية وقانونية أخرى تثير الانتباه في عمل القاضي المقرر والمحكمة الدستورية كاملة في هذا القرار. فإذا كان الأمر يتعلق بخروقات في زمن الطوارىء الصحية كما تقول المحكمة في قرارها، فلماذا لم تعمد المحكمة الدستورية إلى تفعيل مسطرة التواجهية لفائدة عامل إقليم الحسيمة، فالأمر يتعلق بانتخابات تشريعية جرت في زمن الطوارىء الصحية، الشيء الذي يجعل من السلطات المحلية (عامل الإقليم) أكثر دراية ومعرفة بما جرى في الميدان، فهي السلطة التي ترخص أو تمنع لأسباب تقدرها في زمن الطوارىء الصحية، وقد لاحظنا كيف نظمت السلطات المحلية في مناطق كثيرة لقاءات انتخابية بالمنع أو الترخيص، حسب الحالة، وهذه الحالة هي التي كانت تقتضي من المحكمة الدستورية تفعيل مسطرة التواجهية لفائدة عامل إقليم الحسيمة بصفته السلطة المختصة.
وسيلاحظ المتتبع لقرارات القضاء الدستوري بالمغرب؛ على الأقل من تاريخ اشتغال المجلس الدستوري، أنه لجأ مرات متعددة لهذه المسطرة وذهب بعيدا أحيانا إلى إجراء البحث والتحقيق بتنقل مجموعة قضاة منهم القاضي المقرر إلى الميدان.
وإذا كانت المحكمة الدستورية لم تفعل هذه المسطرة التواجهية لفائدة عامل إقليم الحسيمة، فإن الغريب في هذا القرار أيضا تلك الإشارة إلى “انتخابات جديدة”، فالدارس لتاريخ القضاء الدستوري المغربي منذ مقررات الغرفة الدستورية إلى قرارات المجلس الدستوري يجد عبارة انتخابات جزئية وليس انتخابات جديدة، فالنصوص القانونية المغربية تستعمل نوعان من المفاهيم الدالة على نوع الانتخابات، هما الانتخابات التشريعية العامة، وهي التي تجري في كل الدوائر، والانتخابات التشريعية الجزئية وهي التي تجري بمناسبة إلغاء دائرة معينة سواء بمقعد واحد أو كل المقاعد، والسؤال هنا من أين أتى القاضي الدستوري في المحكمة الدستورية بهذا المفهوم؟ فالقاضي الدستوري مطالب بالحفاظ على المفاهيم الواردة في النصوص القانونية وليس استعمال مفاهيم قد تخلق نوعا ثالثا من الانتخابات يسمى الانتخابات الجديدة!!
وحيث ما زال القرار القاضي بإلغاء أربعة مقاعد بالدائرة المحلية للحسيمة (إقليم الحسيمة) موضوع تداول فإنه كان من الممكن للمحكمة الدستورية أن تنظر إلى المادة الانتخابية من زاوية قضايا حالة الطوارىء الصحية التي تحتاج أكثر من غيرها إلى مساطر التواجهية والبحث والتحقيق بناء على ما قدمه الطاعن من أدلة وما قدمته الأطراف المطعون في انتخابها من أدلة مضادة.
تعليقات 0