مبعوث أوكرانيا لـ”مينا”: نحتاج دعم المغرب وسنواصل تصدير الحبوب للمملكة

قال مكسيم صبح، مبعوث أوكرانيا الخاص لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن بلاده ترفض المس بسيادة المغرب، معلنا استعداد المسؤولين الأوكرانيين للتنسيق مع الرباط “بجدية” وتوحيد المواقف.

وأوضح المسؤول الأوكراني، والذي عينه الرئيس فولوديمير زيلينسكي في الثاني عشر من يوليوز الفارط، أن حياد المغرب من الحرب التي تخوضها روسيا ضد بلده لن يؤثر على إمدادات الحبوب للمملكة.

وسجل صبح أن بلاده تحتاج لدعم المغرب، على عدة مستويات، داعيا لعدم تصديق ما وصفه بالدعاية الروسية والامتناع عن العروض التي تقدمها موسكو لبعض شركائها وزبائنها في المنطقة لبيع وتسويق المنتجات الزراعية والصناعية الذي استولى عليها الجيش الروسي بطريقة غير شرعية، وفق تعبيره.

نص الحوار كاملا:

عدة وسائل إعلام نقلت أخبارا متفرقة مفادها أن هناك انسحابات للجيش الروسي.. هل يمكن اعتبار ذلك انتصارا لأوكرانيا بعد أشهر من الحرب ؟

بالتأكيد، وانسحاب القوات الروسية من أجزاء من الأراضي الأوكرانية المحتلة لم يأت من باب الصدفة، وإنما جاء بسبب مثابرة وشجاعة للجيش الاوكراني والأداء المتميز وحسن التخطيط للعمليات المتعلقة بتحرير الأراضي الاوكرانية المحتلة.
والفضل يعود طبعا للمعونات والمساعدات العسكرية التي تأتينا من الدول الحليفة والصديقة، لأنه منذ اليوم الأول، والعديد من الدول، الغربية خاصة، تدعم الجيش الاوكراني بالعتاد والسلاح، مما مكن الجيش الأوكراني من الصمود والدفاع عن أراضيه، وهو ما جعل الطرف الروسي يعترف بالهزيمة، كما أن معنوياته بدأت تنهار.

كيف تصفون العلاقات المغربية الأوكرانية، وأين تموقعون المغرب؟

المملكة المغربية هي أحد أهم الشركاء لأوكرانيا في الحوض المتوسط والقارة الإفريقية والعالم العربي، حيث أن المملكة تدخل في قائمة الدول الخمس الكبرى من حيث التبادل التجاري، حيث بلغ العام الماضي أزيد من 600 مليون دولار.

وتجمعنا أيضا روابط إنسانية وحوار سياسي قوي ومستمر على مستوى قيادة البلدين، حيث أجرى وزير الخارجية الأوكراني ووزير الخارجية المغربي، ومنذ اندلاع الحرب، ثلاث مكالمات هاتفية، وفي هذا العام نحتفل بمرور الذكرى الثلاثين على إقامة علاقة دبلوماسية بين بلدينا الصديقين.

وكما ذكرت هناك حوار سياسي مستمر، وعقد البلدين مشاورات سياسية في الماضي ونطمح لعقد مشاورات في وقت قريب، وتعميق مستوى التعاون على كافة الأصعدة والمجالات.

هناك تصريحات عدد من كبار المسؤولين الأوكرانيين الذين عبروا من خلالها عن رغبة البلاد في توقيع صفقة تجارة حرة مع المملكة، بصفتها شريكا اقتصاديا مهما كما ذكرت سابقا، أو يمكن توقيع اتفاقية التجارة التفاضلية بين بلدينا في البداية، وذلك أخذا بالاعتبار الآفاق الواسعة لتعميق هذا التعاون، والمبني على قاعدة قانونية متشعبة والمتكونة من أكثر من 16 اتفاقية تنظم التعاون في مختلف المجالات.

لابد من القول، أننا نطمح ونتطلع لترتيب زيارات رفيعة المستوى للمنطقة، فرغم الحرب والمصاعب التي نعيشها، الديبلوماسية الأوكرانية تصر على تنفيذ برامجها ومخططاتها واستراتيجيتها الطموحة والتي تهدف بالأساس لتعميق علاقاتها وتعزيز تواجدها السياسي والدبلوماسي والاقتصادي بالقارة الإفريقية والعالم العربي، وخصوصا بالمغرب الذي تجمعنا به علاقات متميزة وطيبة للغاية.

هل أوكرانيا مستعدة للوقوف بجانب المغرب في قضيته الوطنية، خاصة بعد خطاب الملك محمد السادس الأخير؟

أعتقد أنه من المهم جدا التنسيق بين موقفي بلدينا، وذلك بدء بالمنصة الدولية وتحت مظلة الأمم المتحدة، ولابد أن تكون هناك مواقف مشتركة حيال القضايا التي تؤرق بلدينا، وأؤكد أن بلادنا تتطلع لدعم المغرب للقضية الأوكرانية.

نؤمن بأن قضيتنا قضية عادلة وتتعلق باحترام سيادة الدول ووحدة الأراضي وعدم المساس بحرمة الدول، وطبعا لابد لمن يتطاول على الأراضي أن يعود للقانون ويعود إلى رشده ويلتزم بتلك المبادئ.

ومن هذا الباب ندعو روسيا لوقف عدوانها وسحب قواتها من الأراضي الأوكرانية، وسنكون مستعدين آنذاك لخوض مفاوضات، يتم من خلالها حل القضايا العالقة والتي معظمها قضايا سياسية وأمنية، لكننا نحن ضد المساس بوحدة الأراضي سواء كان ذلك يتعلق بأوكرانيا أو أي بلد آخر، لأن أوكرانيا كانت ولا تزال تدعو لاحترام القانون الدولي والالتزام بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

وبالتالي أرى أن هناك قواسم مشتركة بين كييف والرباط، من الممكن أن توحد موقفي بلدينا، ولذلك أتوجه من خلال جريدتكم “مدار21” للحكومة المغربية كي تنظر بجدية في إمكانية تقديم مزيد من الدعم السياسي للقضية الأوكرانية ولتفتح أمامنا مجالات وأفق جديدة تمكننا من مناقشة مسائل وقضايا دولية تهم بلدينا الصديقين.

بشكل مركز ومختصر، ما هو نوع الدعم الذي تنتظره أوكرانيا من المغرب؟

نحن ننتظر من المغرب ومن كل الدول الصديقة مزيدا من الدعم السياسي في إطار الأمم المتحدة، لأن أوكرانيا تستعد لتقديم عدد من القرارات الدولية المهمة وتقديمها للتصويت بالأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية لذلك نحن في حاجة للدعم.

الدعم السياسي محوري وضروري لأوكرانيا في هذه المرحلة الدقيقة، لأنه قبل العدوان الذي بدأ في 24 من فبراير كان هناك 7 بالمائة من الأراضي الأوكرانية تقبع تحت الاحتلال الروسي، بينما ارتفع ذلك ل 21 بالمائة، ليصبح خمس الأراضي تحت الاحتلال الروسي.

ندعو المغرب وغيره من الدول الصديقة لعدم تصديق ادعاءات روسيا والتي تحاول إظهار الأزمات الإفريقية والعربية وخاصة فيما يتعلق بالحبوب على أنها نتيجة العقوبات، نحن نفنذ ذلك وندعو للامتناع عن العروض التي تقدمها موسكو لبعض شركائها وزبائنها في المنطقة لبيع وتسويق المنتجات الزراعية والصناعية الذي استولى عليها الجيش الروسي بطريقة غير شرعية.

ونحاول أيضا توسيع وزيادة الدول التي ستنضم وستشارك في العقوبات الدولية المفروضة على روسيا، مع التذكير على أن إيذاء الشعوب ليس غايتنا، لكننا نرى أن هذه العقوبات بدأت تؤثي ثماره والاقتصاد الروسي يعاني كثيرا في الوقت الحالي، ومن شأنها (العقوبات) أن تساهم في عدم إطالة أمد الحرب وانتهائها في أقرب الآجال.

متى سيبدأ تزويد المغرب بالحبوب الأوكرانية؟

الحكومة الأوكراني لا تدخر جهدا من أجل استئناف الصادرات من الحبوب ومن مختلف أنواع الغلال التي جرت العادة بأن الكثير من الدول الإفريقية والعربية تعتمد اعتمادا كبيرا عليها، وتعتبر أوكرانيا تقريبا خامس مورد من الحبوب على مستوى العالم.

حكومتنا تعمل على أن تتواصل وتستمر هذه الصادرات، لكن لا بد من الإشارة أن الأمر ليس مرتبطا فقط باستعداد أوكرانيا ورغبتها في تزويد أصدقائها وشركائها بمادة القمح وإنما يعتمد ذلك اعتمادا كبير ا جدا، ان لم يكن كليا، على جدية موقف موسكو، لأنكم تتذكرون عندما تم توقيع الاتفاق على إنشاء ممرات الحبوب، والممرات الغذائية بوساطة أممية وتتركية، قامت روسيا بقصف ميناء أوديسا والبنية التحتية لبعض المنشئات التي تخدم وتسهل عملية تصدير الحبوب.

هذه الأعمال التخريبية والعدائية لا تدل على حسن نية من الجانب الروسي، وهناك تهديدات من الحكومة والسلطة الروسية، حيث أنها تفكر في الخروج من هذه الصفقة والامتناع عن المشاركة فيها وتقول أنها ستراجع قرارها بهذا الشأن، وطبعا هذا أمر مقلق للغاية، ليس فقط لنا وإنما للعالم بأكمله.

وفيما يتعلق بصادرات الحبوب إلى المغرب تحديدا، نحن نعمل بكل جدية على توفير احتياجات المغرب من الحبوب والقمح، ونحاول اعتماد آليات فعالة وعملية لإعطاء اولوية للشحنات المتوجهة للقارة الإفريقية والبلدان العربية والتي هي أكثر اعتمادا على القمح الأوكراني.

وستصل جميع الشحنات التي تم اقتنائها الى المغرب في حال التزمت روسيا بالتزاماتها وعدم إخلالها بالتعاقدات.

فمنذ بداية سريان الاتفاقية، ومنذ بدء تشغيل ممرات الحبوب، قامت أوكرانيا بتصدير ما يفوق 2 مليون طن من الحبوب، منها 500 ألف طن توجهت ووصلت لإفريقيا، هذا دليل على أن أوكرانيا هي ستبقى ضامنا اساسيا وموثوقا به للأمن الغذائي العالمي

هل حياد المغرب اتجاه الحرب الأوكرانية الروسية سيؤثر على إمداداته من الحبوب ؟

قطعا لا، لأن أوكرانيا لم ولن تستخدم المواد الغذائية أو الحبوب أو الطاقة أو غيرها كأداة ضغط، عكس روسيا والتي تستخدم التجارة والطاقة كأدوات وأسلحة على الشركاء والدول التي لها موقف مغاير لموقف موسكو أو التي لها موقف محايد اتجاه الحرب

أؤكد لكم بصريح العبارة، أن “حياد” المغرب لن يؤثر، لأن أوكرانيا دولة ديمقراطية تحترم القانون وتراعي الشرعية الدولية وكذلك حريصة على الالتزام بجميع تعاهداتها، والدليل على ذلك الكميات الكبيرة التي أرسلناها للبلدان التي عقدنا معها صفقات تجارية قبل الغزو.

ما هي رسالتك للشعب المغربي؟

رسالتي بسيطة وواضحة ومفعمة بالمحبة والعرفان للمغرب والشعب المغربي الصديق، التي تجمعنا به صداقة تاىيخية تمتد لأكثر من 30 سنة، نحن نتطلع لتعاوننا، وأعلم ان هناك أكثر من ألف أوكراني مقيم فوق التراب المغرب وكون الكثير منهم عائلات وأسر وهناك أطفال وأجيال جديدة نشأت على أرض المغرب وهؤلاء أوكرانيون بقدر ما هم مغاربة.

أمور كثيرة تجمعنا، والجالية المغربية نشيطة جدا بأوكرانيا ولها دور مشهود له ونتمنى بعد انتهاء الحرب أن تستأنف السفارة المغربية عملها بأوكرانيا، ولذلك أنا أتوجه بخالص شكري وعميق احترامي للحكومة المغربية والشعب المغربي المضياف، فالمملكة الوجهة السياحية المفضلة لدى الأوكرانيين ونرجو أن يبقى الوضع كما هو، وأيضا ندعو الأصدقاء المغاربة لزيارة أوكرانيا إن شاء الله بعد أن تسمح الظروف.